المؤمنون أصحاب الجنة
أمّا المؤمنون فلهم شأن آخر : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بحسب طاقتهم وقدرتهم ، لأنهم لم يستطيعوا أكثر من ذلك ، كما أن الله لا يمكن أن يكلّفهم شيئا فوق ذلك ، فهو يقول سبحانه : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [المؤمنون : ٦٢] أي ما تتسع له قدرتها (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). فقد جعل الله الجنة دارا للنعيم لينعم فيها أولياؤه بنعمته ورضوانه.
* * *
لا غلّ في الجنة
ثم ما مشاعر أهل الجنة ، وما طبيعة العلاقات التي تحكمهم ، وكيف يواجهون هذا الجوّ ، وكيف يفكرون فيه ، وكيف تكون عملية الاستقبال؟ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) أي حقد. وقد لا يكون المقصود بالنزع أنها كانت مملوءة بالحقد ثم نزعه الله منها ، بل ربما تكون كناية عن عدم وجوده فيها ، كما هو أسلوب التعبير في نسبة الفعل إلى الله ، على أساس أن أدواته منه ، وإن كان اختياره بيد الإنسان. وفي ضوء ذلك ، يمكن أن يكون المراد هو أنهم عاشوا الإيمان الذي يثير مشاعر الطهر والحبّ والرحمة في نفوس المؤمنين ، فلم يبق في نفوسهم أيّ أثر للحقد على مستوى علاقاتهم الأخوية ، فها هم يعيشون في الجنة إخوانا في مرح وغبطة وسرور وشعور بالفرح الروحي ، في ما يواجههم من نعيم يتمثل في هذه المشاهد الطبيعية الحلوة ، (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ). وبدأوا يشعرون بالحاجة إلى التعبير عن شكرهم لله وحمدهم إياه ، لأنه هو الذي فتح لهم باب الهداية ، في ما أودعه