في نجاح الخطوة الأولى. ثم تتحرك الخطوات الأخرى في اتجاه الامتداد والشمول ، وليس هذا بدعا من الأمر ، بل هو قضية كل دعوة إصلاحية أو تغييريّة ، من حيث ارتباطها في نقطة البداية بشخصية الداعية ، وبظروف عمله ، وحركة المجتمع من حوله.
وفي ضوء ذلك ، نعرف أن التركيز على «قوم نوح» ، كان باعتبار أنهم المجتمع الأول الذي يمارس فيه الدعوة إلى الله ، أو القاعدة التي يملك الانطلاق منها ، لعدم توفر الوسائل التي تتيح له التحرك إلى موقع آخر. وربّما كانت البشريّة محصورة في ذلك المجتمع في ذاك التاريخ.
وهناك نقطة أخرى لا بد من ملاحظتها ، في فكرة الشمول والامتداد للرسالات ، وهي أن المفاهيم والتشريعات التي جاءت بها ، لا تقتصر في أهدافها وغاياتها على دائرة معينة من دوائر الحياة ، بل تشمل الحياة كلها في نواحيها النظرية والعملية ، لأنها تتصل بمشكلة الإنسان بشكل عام ، مما يلغي الجانب المحلي للمسألة ، مهما اختلفت التعابير.
* * *
نوح عليهالسلام ودعوة التوحيد الخالص
(قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) لأن هذه الأصنام التي تعبدونها لا تمثّل شيئا في حجم القدرة ، أو في معنى القيمة ، فهي مجرد أشياء جامدة لا تحس ولا تضر ولا تنفع ... وهؤلاء الأشخاص الذين تعبدونهم وتطيعونهم من دون الله لا يملكون شيئا ، ولا يخلقون شيئا ، ولكنهم يخلقون ويعيشون الحاجة في كل وجودهم لله ... فكيف تمنحونهم صفة الإله ، أو تعبدونهم من دون الله الذي هو ـ وحده ـ الخالق الرازق المالك لكل شيء ، الغني عن كل شيء ، القادر على كل شيء ، ليس كمثله شيء؟! فهو الذي يستحق العبادة ،