تقوم له السموات والأرض ، فكيف بالإنسان الضعيف الذليل الفقير المسكين المستكين ... وغفر الله لهما وتاب عليهما ، ولكنه أمرهما بالخروج من الجنة ، كما أمر إبليس بالخروج منها ، لأنهما عصياه كما عصاه ، وإن كان الفرق بينهما أنه ظل مصرّا على المعصية ولم يتب فلم يغفر له الله ، بينما وقف آدم وزوجته في موقف التوبة فغفر لهما.
* * *
هبوط آدم وحوّاء إلى مستقرّهما الأرضي
(قالَ اهْبِطُوا) إلى الأرض فذلكم مكانكم الطبيعي الذي تعيشون فيه الصراع بين الحقّ الذي تمثله إرادة الله في وحيه وشريعته ، وبين الباطل الذي تمثّله إرادة الشيطان في أضاليله ووسوسته ، (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) ، فليس هناك قاعدة مشتركة بين مصلحة الإنسان في السير في طريق الله الذي يؤدي به إلى الجنة ، ومصلحة الشيطان في السير في طريق الضلال الذي يؤدي بالإنسان إلى النار (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) فليس هناك خلود واستقرار دائم ، بل هو الاستقرار الذي يتهيأ الإنسان معه للرحيل ريثما يأخذ متاعه وزاده. (قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) ، هي دار الحياة المسؤولة في ما يفعله الإنسان من خير أو شرّ ، وهي دار الموت الذي تخمد فيه شعلة الحياة ، وهي الدار التي يبعث فيها الإنسان من قبره ليواجه نتائج المسؤولية ، في ما خلّفه وراءه من أعمال وعلاقات ومواقف.
* * *