الصادق عليهالسلام ، متكئا عليّ ـ أو قال على أبي ـ فلقيه عبّاد بن كثير البصري وعليه ثياب مرويّة حسان ، فقال : يا أبا عبد الله ، إنك من أهل بيت النبوّة وكان أبوك وكان ، فما هذه الثياب المرويّة عليك؟ فلو لبست دون هذه الثياب. فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : ويلك يا عبّاد ، من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، إن الله عزوجل إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يراها عليه» (١).
وجاء فيه عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن «علي الرضا عليهالسلام» قال: «قلت له : جعلت فداك ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويتخشع؟ فقال : أما علمت أن يوسف عليهالسلام نبيّ ابن نبيّ كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب ويجلس في مجالس آل فرعون يحكم ، فلم يحتج الناس إلى لباسه وإنما احتاجوا إلى قسطه ، وإنما يحتاج من الإمام في أن إذا قال صدق وإذا وعد أنجز وإذا حكم عدل ، إن الله لا يحرم طعاما ولا شرابا من حلال ، وإنما حرّم الحرام قل أو كثر ، وقد قال الله عزوجل : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)» (٢).
* * *
القيمة للروح لا للشكل
وهكذا نفهم من أجواء الآية التي استوحاها الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام أن الإسلام لا يقتصر في نظرته إلى الحياة على الجانب العبادي من سلوك الإنسان فيها ، بل يمتدّ إلى الجانب الحسّي الذي يتمثل في الزينة الظاهرة ، مما يلبسه ويتجمل فيه ويظهر به للناس من الثياب الجيّدة ، وفي الأكل الطيّب والشراب الطيب ، بحيث يمارس الحياة بشكل طبيعي في حاجاته بعيدا عن
__________________
(١) الكافي ، ج : ٦ ، ص : ٤٤٣ ، رواية : ١٣.
(٢) (م. ن) ، ج : ٦ ، ص : ٤٥٣ ، رواية : ٥.