الأساليب السلبية لا تحل الخلافات الفكرية
(وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا) ولا تتعقّدوا ، ولا تتحركوا في أجواء العداوة والبغضاء ، لتخلقوا من واقع الخلاف الفكري مشكلة اجتماعية في مستوى الخصام والقتال ، فذلك هو الوضع الطبيعيّ للحياة الإنسانية ، في ما يطرح عليها من أفكار ، فيختلف الناس فيها بين مؤيّد ورافض. ولا بدّ لهم من الصبر على نوازعهم الذاتية كلها ، ليجعلوا من اختلافهم أساسا لإغناء الفكر وتنمية التجربة ، عند ما تتحوّل الخلافات إلى حركة فكرية من أجل الحوار ، والى تحريك للخطوات المسؤولة من أجل الوحدة أو التقارب على أساس التفاهم المشترك ، ومن أجل المصير الواحد ، في حين أن اللجوء إلى الأساليب السلبيّة العنيفة لا يحل لهم مشكلة الفكر بل يعقّدها ، لأنه يغلق على الفكر أبواب الانطلاق إلى الآفاق البعيدة ، ويعطّل حركته عن التأمّل والتعمّق في هذه القضايا المتنوّعة ، ويحوّله إلى طاقة جامدة لا تعطي شيئا ، ولا تساهم في الوصول إلى حلّ.
وإذا كانت هذه الأساليب لا تحلّ للفكر مشكلته ، فإنها لا تكتفي بذلك ، بل تضيف للناس مشاكل جديدة ، على مستوى الحياة العامة والخاصة ، وهكذا تتنامى روح الحقد والبغضاء ، لتكون النتيجة مزيدا من الدمار والهلاك والفساد ... وهذا ما جعل الأنبياء يبادرون إلى طرح الأساليب الهادئة العاقلة الموحية في حل النزاعات والخلافات الفكرية والحياتية ، ويوجهون الناس إلى اعتماد الصبر كطاقة إنسانية تمنح الإنسان القوّة للتغلّب على العوامل السلبية الداخلية التي تثيرها النوازع الذاتية ، ليستطيع ـ بذلك ـ النظر إلى الأمور بموضوعيّة ووضوح ، فيعرف طبيعة المشكلة من خلال عناصرها الحقيقية ، ليواجه مسألة الحل بعقل منفتح مستنير. ولهذا كان شعيب يطلب من قومه