الحق والإصلاح هما أساس كل خير
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) فذلك هو السبيل لاستقامة المنهج في الحياة وارتكازه على قاعدة ثابتة في النفس وفي الحياة. (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) في ما أوضحه الله لكم من دلائل قدرته ومظاهر عظمته وصدق رسوله ، (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) واجعلوه تاما من دون زيادة ولا نقصان ، (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) فتنقصوهم حقّهم وتحرموهم منه ، (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) فقد أرادها الله ساحة للتوازن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي على كل صعيد ، بما يجعل من الإخلال به إفسادا للأرض ، بعد أن أصلحها الله في الخط التكويني للوجود ، وفي الخطّ الفكري للعقيدة والتشريع ، وهذا ما يؤكّد شموليّة التخطيط الإلهي لحركة الإنسان في الحياة منذ القدم في ما يتطلّع إليه الدين من إقامة الكون على أساس الإصلاح في كل شيء (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، فإن ذلك هو سبيل الفلاح في الدنيا ، لأنه يصلح أمر الفرد والمجتمع في القضايا العامة والخاصة ، وفي الآخرة ، لأنه يؤدّي إلى الحصول على رضا الله في نطاق السير على الخط الإيماني الذي يضمن ذلك كله.
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً) فقد كانوا يرصدون المؤمنين ويراقبونهم في كل طريق من طرق الاستقامة التي ينطلقون فيها على أساس الخط الفكري والعملي للإيمان ، ليتوعّدوهم ويتهدّدوهم فيسدّوا عليهم كل الأبواب والمنافذ ، ليعطلوا مسيرتهم ويجمّدوا انطلاقتهم ، من خلال الضغوط المتنوّعة التي تمنع المؤمنين من ممارسة حريتهم في الفكر والعمل ... وهذا ما أراد