ومستقبلها ، أمينا على الحقيقة التي تفتح قلوب الناس على الله ، وعلى الحياة الكريمة من خلاله ، وعلى الرسالة التي يحملها بصدق ، ويبلّغها بوعي وإيمان وقوة ، وذلك هو دور كل داعية إلى الله في حركته الرسالية في حياة الناس ، أن يعيش معهم بروحيّة الإنسان الذي ينصح لله في خلقه ، ويكون أمينا على كل أوضاعهم العامة والخاصة على كل صعيد ، وأن يجسّد ذلك كله في أقواله وأفعاله.
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ) فما وجه العجب في ذلك؟ هل هناك ما يمنع أن يكون الرسول بشرا؟ (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) فأورثكم الله أرضهم وديارهم. (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) بما وهبكم من طول القامة ، وقوة الجسد والعضلات ... (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) ونعماءه وعظمته (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) من خلال هذه الذكرى التي تفتح قلوبكم على الله ، وتوحي لكم بكل خير ورحمة وإيمان. إنه يستثير فيهم العناصر الطيّبة الأصيلة التي يمكن أن تجعل منهم أناسا طيبين ، تنفتح أفكارهم للمعرفة ، وتنبض قلوبهم بالرحمة ، وتعيش حياتهم للمسؤولية ، وتتحرك خطواتهم في اتجاه الله ...
* * *
منطق التوحيد في مواجهة منطق الشرك
(قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا)؟ ما معنى هذه الدعوة التي جئتنا بها؟! إن معناها أن نتنكر لقدسيّة تاريخ الآباء ، في ما يعتقدون ويمارسون من طقوس وعادات ... وتلك قضية تهدّم البناء الاجتماعي للعشيرة القائم على أساس حرمة التاريخ. فلا بدّ من عبادة هذه الأصنام لتقرّبنا إلى الله زلفى ، ولتجعل من حياتنا امتدادا لحياة الأجداد ، وهذا