والعبث والاسترخاء في أجواء الكسل والراحة ، فانفصلوا ـ بذلك ـ عن أجواء المسؤولية المنفتحة على رضى الله ، فكان من نتائج ذلك أن ابتعد الناس عن الآفاق التي توحي لهم بروح الحق والعدل والسلام ، فحقّ عليهم غضب الله وعذابه ، (فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) في ما يستحقونه من عقاب الله ، بسبب عصيانهم أوامره ونواهيه ، وفي ما تنتجه أعمالهم ومواقفهم من نتائج سلبيّة على الأوضاع العامّة في حياتهم ، على أساس ارتباط النتائج بمقدّماتها الطبيعيّة. وبهذا نفهم ارتباط الأخذ الإلهي بالكسب السلبي للإنسان ـ في مواقف المعصية ـ بجانب الاستحقاق من جهة ، وبطبيعة الأشياء من جهة أخرى ، فيلتقي فيه الجانب الغيبي بالجانب المادّي من الحياة.
* * *
لا مأمن للخاسرين من مكر الله
(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً) وهو وقت المبيت في الليل (وَهُمْ نائِمُونَ) كيف ينامون في إحساس بالطمأنينة والأمن ، وهم يعرفون أنّ الله قد ينزل عذابه في أيّ وقت من الأوقات كما حدث لجماعات أخرى من أمثالهم في الماضي؟ (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ)؟ فكيف يستسلمون للّعب في وقت الضحى ، ولا يخافون أن ينزل عليهم عذابه في ذلك الوقت؟ أيّ أساس للأمن هنا وهناك ، في ما يشعر به هؤلاء الذين واجهوا الله بالكفر والتمرد والمعصية؟
(أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) في ما يدبّره ويقضيه ويقدّره ضدّ هؤلاء الذين عاشوا الكبرياء والخيلاء والشعور بالقدرة المطلقة في ما يمكرون ويخططون من خطط الاحتيال ، وكيف يغفلون عن إحاطة الله بهم من كل جانب ، ويأمنون مكره؟ (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) الذين لا يعيشون الخوف منه ،