الإحسان في ما يقول أو يفعل ، لأن الرحمة ليست مجرّد حالة عفوية ، بل هي لطف من الله ، يتصل بالأفق الداخلي للإنسان وبالحركة الطيّبة لحياته ، وذلك هو قوله : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الذين أحسنوا بالروح وبالقول والعمل ...
* * *
التجارة مع الله روحية لا مادية
وقد يثير البعض في هذا المجال تساؤلا حول معنى أن تكون علاقتنا بالله علاقة خوف وطمع؟ أليس هذا مظهرا من مظاهر العقلية التجارية مع الله ، حيث ترتبط به على أساس خوف الخسارة والطمع في الربح؟! أليس من الأقرب إلى خط الإيمان أن تكون العلاقة نابعة من المحبّة الخالصة له ، التي تنطلق من استحقاقه للعبادة ، لأنه أهل لذلك؟
ونجيب عن ذلك ، بأنّ الخوف والطمع لا يمثلان شعورا تجاريا ، بالمعنى الماديّ للتجارة ، ولكنهما يمثّلان شعورا روحيّا خالصا يعكس الإيمان بأنّ وجود الإنسان مرتبط بالله في كل شيء ، مما يجعل من الدعاء لونا من ألوان التعبير عن هذه الحالة الروحية التي تؤكد للذات ـ دائما ـ بأنّ قضية الإنسان مع الله هي قضية الفقر المطلق أمام الغنى المطلق ، في إحساس بالذوبان في ذات الله ، في وعي لمعنى العبودية في الذات الإنسانية. وبهذا تفترق التجارة الماديّة بين الإنسان والإنسان في ما يخافه أو يطمع فيه ، عن التجارة الروحية بين الإنسان وربّه ، حيث تتحول القضايا المادية إلى معنى روحيّ ، في مستوى الإيمان الخالص.
* * *