الجنة والنار ، فنرى أهل النار وهم يعيشون الجوع والحرمان والعطش والذل والمسكنة ... فيتوسلون إلى أهل الجنة أن يعطوهم شيئا مما رزقهم الله من الماء والطعام وغير ذلك مما يحتاجه الإنسان في استمرار حياته ... (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) ، لأنه قضى عليهم بالعذاب في الدار الآخرة ، وحرمهم من كل نعيمها ، ونحن لا نملك التصرف في ذلك إلا بأمر الله ، ولم يأذن لنا الله بذلك ، لأنكم من الكافرين (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) ، فاعتبرتم الحياة فرصة للهو وللّعب ، وأخضعتم لهما كل برامج الفكر والعمل ، وأطلقتم ـ معهما ـ كل آمالكم ومطامحكم ، حتى تحول اللعب واللهو إلى دين تدينون به وتسيرون عليه ... (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) بزخارفها ومباهجها ولذائذها وشهواتها ... فأنستهم ذكر الله واليوم الآخر ، وإذا نسي الإنسان ربه ونسي لقاءه في اليوم الآخر ، فإن الله سينساه في ذلك اليوم ، في ما تعبر عنه كلمة «النسيان» بالنسبة إلى الله ، من إهمال كليّ له ، وذلك على سبيل الكناية ، لاستحالة هذه النسبة إليه تعالى على نحو الحقيقة. فإن النسيان يستتبع الإهمال لما ينساه الشخص ، فناسب أن يقوم مقامه في التعبير ...
* * *
الجزاء بالمثل
(فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) ونهملهم ولا نبالي بهم (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) ، فنسوا مسئوليتهم أمام الله ، وتركوا العمل الجدي في اتجاه المسؤولية ، وعاشوا أجواء اللامبالاة ، وحياة اللهو واللعب ، فذلك جزاؤهم على ما فعلوه (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ). ولم يكن لهم في جحودهم لها من حجة أو برهان ، بل كانت الحجة لله عليهم في ما أرسله من رسله ، وما