بعض الأشياء التي تبعدهم عن ذلك ، بل ربما يهربون من التفكير عند ما تلاحقهم الحقيقة في بعض السبل التي تمر بهم في الحياة ، فيستغفلون أنفسهم ليوحوا للآخرين بأن يجدوا لهم العذر الذي لا يجدونه لأنفسهم.
* * *
الظلم والسقوط الحضاري
(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) وهذه صورة من صور الإنذار في ما ينزله الله من العقاب على الناس الذين يتمردون على رسالاته ، ويكذبون رسله ، ويفسدون في الأرض. إنها الصورة التاريخية الحيّة التي تتلاحق فيها المواقع التي كانت مسرحا للظلم والطغيان والكفر والعصيان. من قرية إلى قرية ، ومن مدينة إلى مدينة ... كيف دمرها الله بعذابه ، وكيف أهلكها بقوته ، من خلال الوسائل غير الطبيعية التي كانت تتحرك بطريقة غيبيّة ، في ما حدثنا الله عن قوم نوح وعن قوم لوط وشعيب وغيرهم ... أو من خلال الوسائل الطبيعية ، التي كانت تتحرك بطريقة عادية في ما تتمخض عنه الانحرافات في داخل الحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الأخلاقية ... أو في ما تتحرك به الأوضاع الطبيعية من الزلازل والفيضانات والبراكين وما إلى ذلك ، مما يتمثل فيه بأس الله الذي كان يحدث في حالة البيات في الليل عند ما يعيش هؤلاء الاسترخاء في منامهم ، أو في حالة القيلولة عند الظهر عند ما يستسلمون للراحة والنوم ، للتّخفّف من عناء اليوم وتعبه ... وربما كان التأكيد على هذين الوقتين باعتبار أن الإنسان يحس بالصدمة العنيفة في مثل هذه الحال ، بمقدار ما تمثل من مفاجأة مذهلة ، لأنه لا يكون على استعداد نفسي لمواجهة ذلك ، بينما لا تكون القضية بهذه المثابة في حالة الحركة التي يبدو فيها مستعدا لكل شيء.
فكيف يواجهون هذا الواقع؟ لا شيء إلا الاعتراف بأنهم ظلموا أنفسهم