القصد أمر يحبه الله
(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وهذه قاعدة عامة تتجاوز مورد الآية إلى غيرها من التصرفات المالية والعملية التي تعرّض الإنسان للإسراف ، وتضعه وجها لوجه أمام التزامه بالاعتدال من أجل الحصول على رضا الله ، بينما يكون الإسراف سببا في فقدانه لمحبة الله سبحانه. وقد ورد عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام أنه قال : «ليس في ما أصلح البدن إسراف ، إنما إسراف في ما أفسد المال وأضرّ بالبدن» (١).
وفي حديث آخر ـ مما رواه سليمان بن صالح ـ قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أدنى ما نهي عن حد الإسراف؟ فقال : إبذالك ثوب صونك ، وإهراقك فضل إنائك ، وأكلك التمر ، ورميك النوى هاهنا وهاهنا» (٢).
وروي عنه أنه قال : «إن القصد أمر يحبه الله وإن السرف أمر يبغضه الله ، حتى طرحك النواة ، فإنها تصلح للشيء ، وحتى صبّك فضل شرابك (٣).
ونستوحي من ذلك توجيه الفرد المسلم والمجتمع المسلم إلى أن لا يطرح شيئا مما يمكن الانتفاع به ، بل يعمل على الاحتفاظ به من أجل الانتفاع به على المستوى الفردي والاجتماعي ، فليس للإنسان أن يهرق المال من دون حاجة ، أو يطرح النواة من دون منفعة ، فلا بد له من الاحتفاظ بكل الأشياء النافعة في ذاتها من أجل تحويلها إلى طاقة مفيدة في إنتاج عناصرها الكامنة فيها لمصلحة الحاجات العامة والخاصة.
وقد روي ، تعليقا على الآية (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) «أن الرشيد كان له طبيب نصرانيّ حاذق ، فقال ذات يوم لعلي بن الحسين بن واقد : ليس في
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج : ٢ ، ص : ١٠.
(٢) الكافي ، ج : ٤ ، ص : ٥٢ ، رواية : ٢.
(٣) (م. ن) ، ج : ٢ ، ص : ١٠.