الناس أن يفعلوه ، أو يحذروا منه ، وما سيواجهون في مستقبل الدنيا والآخرة من خير أو شر على مستوى مصيرهم إذا أطاعوا أو عصوا ... فاتبعون لتحصلوا على ذلك كله لتهتدوا به في ظلمات الطريق.
* * *
مشكلة الرسل والدعاة مع عماة البصيرة
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)؟! لماذا تأخذكم الدهشة أو يسيطر عليكم العجب من هذه الدعوة؟! من أين جاءتكم الفكرة التي تقول : إنّ الرسول لا يمكن أن يكون إنسانا مثلنا ، بل يجب أن يكون من الملائكة ، أو من عالم آخر؟! إنّ الله خلق الناس كما يشاء ، واختص بعضهم بصفات لم يعطها لآخرين ، فما المانع من أن يختص بعض الناس برسالته ، لأنه يرى فيهم من الخصائص الروحية والفكرية والعملية ما لا يراه في الآخرين؟! وإذا كان ذلك أمرا معقولا ، فيجب أن تفكروا بأن الله الذي يريد أن ينظّم للناس حياتهم ويبين لهم سبيل هداهم ، لا بد من أن يرسل رسولا منهم لتحقيق هذا الهدف ، لأنه لو كان الرسول من غيرهم ، فسيقول الناس إنه من عالم آخر ، ونحن لا نستطيع بلوغ ما يملكه أهل ذاك العالم من طاقة ، ولا تدل تجربته في أي حقل على إمكان نجاحها كتجربة في حياة الناس ، لأنه من الممكن أن تكون عناصر النجاح منطلقة من الخصائص غير المحدودة لأهل ذلك العالم.
إنه استفهام للإنكار لا للمعرفة ، إنه يريد أن يؤكد لهم الصفة والدور الذي تمثله ، وهو الدعوة إلى التقوى من خلال الإنذار ، من أجل أن يحصلوا على طاعة الله ، فيحصلوا على الرحمة من خلال ذلك كله.
(فَكَذَّبُوهُ) ولم يلتفتوا إليه ، وإلى كل معطيات الفكر الذي قدمه إليهم ،