من هم الذين يشعرون بالحرج تجاه القرآن؟
إننا نقف أمام هذه الآيات التي أرادت للنبي ومن معه أن لا يضيقوا بالقرآن الذي يحملهم مسئولية المواجهة والانفتاح على ساحة الصراع ، لنستوحي من ذلك حركة الإنسان الرسالي في الواقع الذي يعيش هموم القرآن في آياته ومفاهيمه وحركيته ، ويحمل في وجدانه هموم التغيير من أجل تحويل خط الانحراف إلى خط الاستقامة ، ليعيش الإنسان مع الله في كل حياته المادية والمعنوية من خلال الالتزام بوحيه في كل خطوطه العقيدية والتشريعية والمنهجية والحركية. بكلام آخر ، على الإنسان الحركي أن يعرف جيدا كل ما يمكن أن تنتجه له الرسالة في حركة الواقع والمواجهة ، من آلام وتضحيات وجراحات جسدية أو روحية ، وأن يعي في وعيه الإسلامي للحياة أن هناك أكثر من مرحلة لا بد أن يقطعها العاملون ، في سبيل الوصول إلى النتائج الإيجابية الحاسمة بعد جهد طويل ، ولذلك يجب أن لا يعيشوا الضيق النفسي والسقوط الروحي أمام الصعوبات والتحديات الكبرى ، بل عليهم أن يواجهوها بعقل منفتح وصدر رحب وحركة واعية.
أمّا الذين يعيشون الحياة حركة في داخل الذات ، ويحملون الرسالة في معنى المهنة ، ويرون في التضحيات خسارة ، وفي التعب مشكلة ، وفي العقبات يأسا ، ويعملون على البحث عن المبررات أو التبريرات لكل تراجع وتخاذل وهزيمة ، ليتخففوا من مسئولياتهم في الدعوة وفي العمل ، أمّا هؤلاء فهم الذين يختنقون بالضيق النفسي ، والحرج الشعوري ، ويضيقون ذرعا بكل مشكلة في الطريق ، ويبتعدون عن هموم الساحة ليقتربوا من هموم الذات من أجل الاسترخاء في لذّات الحياة وشهواتها بعيدا عن الرسالة والرساليين.
* * *