آراء المفسرين في قوله تعالى :
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ).
اختلف المفسرون حول فقرة (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) ما هو المراد بالوزن؟ ذكر ـ كما في مجمع البيان ـ فيه أقوال : «(أحدها) أن الوزن عبارة عن العدل في الآخرة ، وأنه لا ظلم فيها على أحد ، عن مجاهد والضحاك ، وهو قول البلخي.
وثانيها : أن الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة ، فتوزن به أعمال العباد الحسنات والسيّئات ، عن ابن عباس والحسن ، وبه قال الجبائي.
ثم اختلفوا في كيفية الوزن ، لأن الأعمال أعراض لا يجوز عليها الإعادة ولا يكون لها وزن ولا تقوم بأنفسها ، فقيل : توزن صحائف الأعمال ، عن عبد الله بن عمر وجماعة ، وقيل : يظهر علامات للحسنات وعلامات للسيّئات في الكفتين ، فيراها الناس ، عن الجبائي ، وقيل : يظهر للحسنات صورة حسنة وللسيئات صورة سيئة ، عن ابن عباس ، وقيل : توزن نفس المؤمن والكافر ، عن عبيد بن عمير ، قال : يؤتى بالرجل العظيم الجثّة فلا يزن جناح بعوضة.
وثالثها : أن المراد بالوزن ظهور مقدار المؤمن في العظم ، ومقدار الكافر في الذلة ، كما قال سبحانه : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) [الكهف : ١٠٥]. فمن أتى بالعمل الصالح الذي يثقل وزنه أي يعظم قدره فقد أفلح ، ومن أتى بالعمل السيّئ الذي لا وزن له ولا قيمة فقد خسر ، عن أبي مسلم. وأحسن الأقوال القول الأول وبعده الثاني ، وإنما قلنا ذلك لأنه اشتهر من العرب قولهم : كلام فلان موزون وأفعاله موزونة ، يريدون بذلك أنها واقعة بحسب الحاجة لا تكون ناقصة عنها ولا زائدة عليها زيادة مضرة أو داخلة في باب العبث ، قال مالك بن أسماء الفزاري :