القلق الإيجابي رفيق التقوى
إن روحيّة التقوى في الإنسان تفرض عليه أن يكون في حالة قلق دائم لاكتشاف كل الوسائل التي تؤدي به إلى الله في مسئولياته العامة والخاصة ، لأن حركة الإنسان نحو أهدافه مرتبطة ـ في توازنها ـ بالوسائل المنسجمة مع الأهداف ، وفي الانفتاح على حساب الأعمال التي يقدمها الإنسان بين يديه يوم القيامة في الموقف بين يدي الله ، وعلى الاستعداد لما يستقبل من أيامه في تأكيد أعماله المستقبلية في خطّ التقوى (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) [الحشر : ١٨] ، وفي الموقف الذي يرفض الاستعلاء على الآخرين في إحساس مرضيّ بالعلو الذاتي والكبرياء الشخصي عليهم ، كما يرفض الفساد ، فإن ذلك هو المظهر الحي للتقوى ، الذي يمنح المتقين العاقبة الحسنة في الدار الآخرة (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص : ٨٣] ، وفي امتداد الصداقة القائمة على التقوى من الدنيا إلى الآخرة ، بينما تتحول الصداقات إلى عداوات في العلاقات القائمة على المصالح الذاتية والأطماع الخاصة ، (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٦٧].
* * *
(خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى)
وتبقى التقوى خير الزاد للآخرين (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ