القرآن يحذر بني آدم ويوجّههم
انتهت قصة إبليس مع آدم ، واستطاع آدم بعد نزوله إلى الأرض أن يعي تماما معنى الدور الشيطاني لإبليس في الإضلال والإغواء ، من موقع العقدة المستحكمة في نفسه ضدّه ، وأن يحفظ نفسه منه ، فلم يحدّثنا الله عن خطأ آخر في مخالفة أوامره ونواهيه ، بل الظاهر أنه استمر في الخط المستقيم الذي ترتبط فيه كل ممارسات حياته وتطلعاتها بالله ، بعيدا عن وساوس الشيطان وأضاليله ... وجاء دور إبليس مع بني آدم ، فقد عاش من أجل أن يضلّهم ويغويهم ويقودهم إلى عذاب السعير ، ولم يكن لهم معه تجربة حسية ، كتجربة آدم الذي كان قد رآه وشاهد كيف تحركت عقدة الكبرياء في نفسه ضدّه ، في موقف استعلائي حاقد ، رافض لإرادة الله في ما يختلف عن مزاجه في هذا السبيل ، وليس لهم مجال ليشاهدوه وجها لوجه ، ليعرفوا كيف يتحرك في حياتهم من موقع التجربة الحسية الواضحة ، فأراد الله لهم أن يأخذوا من تجربة أبيهم آدم درسا للمستقبل ، وخطّا للسير في طريقة تعاملهم معه ، وحذرهم منه ، ودعاهم إلى محاربته ، من أجل تحقيق الحماية لأنفسهم من ضلاله وكفره .... فكانت الآيات القرآنية التي تشرح لهم كيف يتصرفون معه ، وكيف يواجهون مخطّطاته ، ليكونوا على وعي دائم ، ليحفظوا أنفسهم من المصير المحتوم الذي يريد أن يقودهم إليه في عذاب الله وعقابه ...
* * *
لباس التقوى خير
وجاءت هذه الآيات التي تبدأ النداءات بكلمة (يا بَنِي آدَمَ) للإيحاء إليهم بالتجربة الحيّة التي عاشها آدم مع إبليس ، لئلّا يكون التفكير في المسألة في المطلق ، بل يكون من موقع التاريخ الحي. وقد استوحت الآيات قصة العري الذي شعر به آدم بسبب معصيته ، في حالة من الإحساس بالخزي