(لَمْ يَغْنَوْا) : غني بالمكان : أقام فيه وكأنه استغنى بذلك المكان عن غيره.
(آسى) : أحزن كثيرا.
* * *
شعيب وقومه
وهذا نبيّ آخر أرسله الله إلى قومه لهدايتهم ومعالجة بعض الانحرافات الاقتصادية في تجارتهم مع الناس ، التي كانت تتمثل بالتطفيف في المكيال والميزان ، فيأخذون لأنفسهم ما يستحقّونه ، ويعطون الناس أقل مما يستحقون. وننفتح في قصة شعيب وحوارة مع قومه على موقف أكثر قوة من موقف لوط ، فقد كانت لشعيب عشيرة قوية يحسب لها حساب ، وهذا ما جعل أسلوبه ـ في خطابه لقومه ـ يتّصف بالقوّة التي لا تبتعد عن الجوّ الرسالي الوديع الذي يحاول ـ من خلاله ـ أن يجرّهم إلى دعوته بالأسلوب الهادىء الليّن. ونلاحظ ـ في هذا الحوار ـ أنه استطاع أن يجلب إلى دعوته الجماعات المضطهدة والمستضعفة من قومه ، ليواجه الجماعات الغنيّة المستكبرة. وربما يكون هذا منطلقا من طبيعة الدعوة التي دعا إليها ، والمفاهيم التي بشر بها ، فإن التطفيف نوع من أنواع الاستغلال الاقتصادي الذي يتميّز به الأغنياء المستكبرون ، حيث يعيشون مشاعر الأنانية وسلوكها ، ممّا يجعلهم يفكّرون بالاستغلال عند ما يشترون فيأخذون الزيادة لأنفسهم ، ويفكّرون به عند ما يبيعون ، فيستغلون حاجة الآخرين إليهم لينقصوا من حقّهم بما يشاءون.
ونحاول الآن الدخول في أجواء هذا الحوار القصصي القرآني ، لنتمثل حركة الرسالة في حياة هذا النبي المصلح مع خصوم الرسالة والرسول.
* * *