بكل معانيها وآثارها.
إنها دعوة التوحيد الخالص التي أطلقها نوح ، توحيد العبادة على أساس توحيد العقيدة ، فهي الحقيقة التي تتمثّل في وجود الله وفي وجود الكون المستمدّ من وجوده ، للرد على التصوّر المنحرف ، والسلوك الفاسد الذي يمثل تعدد الآلهة تبعا لتعدد الأذواق والأوضاع والميول.
* * *
معنى التأكيد على العبادة دون الإيمان
وقد يتساءل بعض الناس : لماذا قال نوح : (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) ولم يقل لهم آمنوا بالله أو وحدوه ، فإن الدعوة للعبادة لا بد أن تكون متفرّعة عن الدعوة للإيمان ، إذ لا عبادة بدون إيمان؟
ونجيب على ذلك أن الإيمان ـ في الرسالات الإلهية ـ لا يمثّل فكرا تجريديا ، كما هو الإيمان بالحقائق الرياضية أو الفلسفية ، بل هو فكر للحياة وللعمل ، لا ينفصل فيه جانب التصور عن الممارسة ؛ فللإيمان بعده العملي إلى جانب بعده النظري ، لأن المطلوب هو الإحساس بوجود الله بالمستوى الذي يعيش فيه الإنسان حالة الارتباط به في أجواء الطاعة ، كما يعيش حالة الارتباط به من خلال حركة الوجود ، في ما تمثله الحقيقة الإيمانية من ارتباط وجود الإنسان بالله لجهة البدء والامتداد والنهاية ... وهكذا نجد الرسالات تطرح قضية العبادة في أجواء طرح قضية التوحيد ، لتؤكد العلاقة الطبيعية بين توحيد العقيدة وتوحيد العبادة ، فلا معنى لأن تؤمن بالله من دون عبادة ، كما لا معنى للعبادة من دون إيمان. ولهذا كان التأكيد على العبادة باعتبار أنها التجسيد الحقيقي للإيمان. ويبقى الإيمان ـ في أسلوب الدعوة ـ قضية لا