بالجانب الجمالي للمظهر الإنساني في إظهار نفسه وبيته بالطريقة التي تمثّل الجمال في الثياب والطيب والشكل الهندسي للبيت ، وللشارع ، خلافا للفكرة التي توحي بأن التدين يفرض على الإنسان الخروج بالخلق من الثياب والفوضى في الشكل والهيئة كمظهر من مظاهر الزهد الخارجي ، فإن الزهد ليس في الشكل وإنما في المضمون النفسي الذي يرفض الارتباط بالدنيا بالمستوى الذي تضغط فيه على مبادئه ومواقفه في الحياة لتقدم التنازل من دينه لمصلحة دنياه.
* * *
التوازن في الإسلام قانون الحياة
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) .. فالله أراد للإنسان أن يأكل لأن الأكل حاجة طبيعية للجسد ليستمر في قوّته التي تمده بالحياة ، وأراد له أن يشرب للسبب نفسه. وإذا كان الأكل والشرب مطلوبين من موقع الحاجة ، فمن الطبيعي أن تتقدر الحاجة بالمقدار الذي يحقق الاكتفاء للجسد ، لأن الزيادة عنه تثقل الجسد بما لا يحتاجه فيسيء إلى توازنه وقوّته. ولهذا جاء النهي عن الإسراف في الأكل والشرب مراعاة لجانب السلامة في حياة الإنسان ، وللحصول على رضا الله ومحبّته ، لأن الله لا يحب للإنسان أن يتجاوز الحدود الطبيعية لحاجاته في الحياة ، بل يريد له أن يكون متوازنا في كل شيء ، مما يجعل من الالتزام بذلك عملا دينيا يقربه إلى الله ، والعكس صحيح ، لأن الإنسان ملك الله ، فلا يحب أن يتصرف أحد في ملكه بما يسيء إليه ، سواء في ذلك ما يتعلق بنفسه أو بالآخرين. وهنا يكمن الفرق بين المبادئ الوضعية وبين التشريع الديني ، فإن تلك المبادئ تترك للإنسان الحرية في ممارسة حياته الخاصة بقطع النظر عن نوعيّة الممارسة ، بينما يؤكّد التشريع الديني على ضرورة تقييد هذه الحرية ، لمصلحة حياة الإنسان وحمايته من نفسه.
* * *