مع العلامة الطباطبائي حول مناسبة النزول
وقد علّق العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان على هذه الرواية وأمثالها قال : «لكنك قد عرفت أن الآيات المصدّرة بقوله : (* يا بَنِي آدَمَ) أحكام وشرائع عامة لجميع بني آدم من غير أن يختصّ بأمّة دون أمّة ، فهذه الآحاد من الأخبار لا تزيد على اجتهاد من المنقول عنهم لا حجية فيها. وأعدل الروايات في هذا المعنى الروايتان الآتيتان» (١).
فقد جاء في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) قال : «كان رجال يطوفون بالبيت عراة فأمرهم الله بالزينة ، والزينة اللباس ، وهو ما يواري السوأة وما سوى ذلك من جيّد البزّ والمتاع» (٢).
وفيه : «أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يحرّمون أشياء أحلّها الله من الثياب وغيرها ، وهو قول الله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً) [يونس : ٥٩] ، وهو هذا ، فأنزل الله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني شارك المسلمون الكفار في الطيبات في الحياة الدنيا ، فأكلوا من طيبات طعامها ولبسوا من جياد ثيابها ، ونكحوا من صالح نسائها ، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا ، وليس للمشركين فيها شيء» (٣).
من ثم يعلّق صاحب الميزان بقوله : «أقول : والروايتان ، كما ترى ، ظاهرتان في التطبيق دون سبب النزول والمعوّل على ذلك» (٤).
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ٨٨.
(٢) الدر المنثور ، ج : ٣ ، ص : ٤٣٩.
(٣) (م. ن) ، ج : ٣ ، ص : ٤٤٦ ـ ٤٤٧.
(٤) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ٨٩.