مِنْ قَرْيَتِكُمْ) سادّين بذلك مجالات الحوار ، لأنهم ليسوا مستعدين للتنازل عن عاداتهم ، كما أن لوطا غير مستعد للتراجع عن دعوته ، ولذلك فإن الموقف لا يحتمل التسويات.
* * *
المجتمعات المنحرفة ترفض دعوة التطهّر
وقد عبّر قوم لوط عن هذه العقليّة من جانبهم في رفضهم للطهارة الأخلاقية التي تدعو إليها الرسالات ، بما وصفوا به آل لوط ، كتبرير للدعوة لإخراجهم (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) ، فيقفون ضد أساليب القذارة في الحياة ، ليثيروا في مجتمعنا سلبيات هذه الأساليب ، فيخلقوا له عقدة في ممارساته ؛ ليتحول ذلك إلى حالة رافضة مستقبلية في الأجيال الجديدة التي قد تتقبل مثل هذه الدعوات ، لما تثيره في الإنسان من دوافع الفطرة. وربما كان هذا الأسلوب في الرد السلبي على دعوة التطهر ، هو أسلوب المجتمعات المنحرفة التي تعتبر وجود الفئات الخيّرة ، وما تثيره في المجتمع من معاني الخير والصلاح ، تحديا صامتا لكل طروحاتهم وأوضاعهم ، وهذا ما يجعلهم لا يطيقون التعايش معهم في بلدهم ـ حتى لو كانوا صامتين ـ لأنهم يخافون منهم على أنفسهم ، قبل أن يخافوا منهم على غيرهم ، لأن النفس قد تستيقظ على نوازع الخير في بعض حالاتها الطيّبة الهادئة ، فتنجذب لا شعوريا إلى ما تدعوها إليه ، وقد يتأكد هذا الاتجاه كلما تكرّرت الدعوة ، أو حدثت الأجواء الملائمة لذلك ... ولهذا يتحوّل ردّ الفعل إلى مواجهة عنيفة بالتهديد بطردهم وقتلهم ، وممارسة كل الأساليب السلبية ضدّهم ، بعيدا عن كل حوار أو لقاء للحوار.
* * *