يملكونها ، ولا حجّة لهم في ما يحاولون ، ولا عذر لهم في ما يستكبرون. (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ، فذلك هو جزاء الطغيان والاستكبار والتمرد على الله وعلى رسالاته ورسله.
* * *
ملاحظتان حول الآيتين
الملاحظة الأولى : في قوله تعالى : (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) فقد حاول البعض أن يستوحي منها نفي خاتمية الرسالة ، لأنها تتحدث عن المستقبل الذي يأتي فيه (رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) ممّا يدل على أن هناك رسلا بعد النبي يحملون رسالة الله ، ولكن هذا ظاهر البطلان ، فإن الخطاب لبني آدم ، وليس للمؤمنين ، فهو شامل للناس جميعا على نطاق الخطاب الذي وجهه لآدم وزوجته عند إنزالهما إلى الأرض في قوله تعالى : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة : ٣٨ ـ ٣٩]. وهو خطاب يعم جميع المكلفين من بني آدم ، من جاءه الرسول منهم ومن جاز أن يأتيه الرسول ـ كما في مجمع البيان (١).
الملاحظة الثانية : في قوله تعالى : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) فقد جاء في مجمع البيان في تفسيره : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) في الدنيا (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) في الآخرة(٢).
وقد لاحظ بعض المفسرين أن الخوف والحزن المنفيين هما في الدنيا لا في الآخرة ، ولذلك فإن المؤمنين يعيشون الطمأنينة والاستقرار النفسي والأمن
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٤ ، ص : ٦٤١.
(٢) (م. ن) ، ج : ٤ ، ص : ٦٤١.