لكل أمة أجل
لقد حدّد الله للجماعات الإنسانية ، التي تتخذ لنفسها صفات معينة تستمدها من النسب والأرض وغيرهما ، أجلا لا تعدوه ، فليس هناك خلود لأحد ، ليأخذ امتداده وحريته في ما يريد أو لا يريد ، بعيدا عن إرادة الله في ما يأمر به أو ينهى عنه ... ولهذا الأجل أسبابه الطبيعية ، في ما أودعه الله في الإنسان من إمكانات محدودة لاستمرار الحياة ، وما خلقه في الكون المحيط به ، من أوضاع وأسباب تقف بالحياة عند حدّ معيّن. وتلك هي سنّة الله في الحياة التي لا تجد لها تحويلا أو تبديلا. (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) محدود ، (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) الذي حدّده الله من خلال تحديد الأسباب الطبيعيّة لذلك ، (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) عما أجّل الله لهم ، (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) ساعة عن ذلك ، وقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) قال : هو الذي يسمّى ملك الموت (١).
وهكذا ينبغي لكل أمة أن لا تعتبر نفسها كل الحياة ، بل هي مرحلة من مراحلها في عملية النمو والتطور ، فليس لها أن تأخذ كل الأدوار ، لأنها لا تستطيع ذلك ، بل تأخذ لنفسها الدور الذي يعيش في نطاق المرحلة المحدودة ، لتأخذ الحياة حركتها الطبيعية في سلّم التدرّج والتنامي والامتداد.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ٩٦.