يقرّب الوجه الأول في شخصية أصحاب الأعراف ، وتفسير الفقرة المتقدمة في الآية السابقة ...
(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) في ما كانوا يكفرون بالله وكانوا بآياته يجحدون ؛ (قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ) الذي جمعتموه من مال وجاه (وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) على أساس المال الذي تملكونه ، أو الجاه الذي تتقلبون فيه ، في ما يدفعكم إليه الاستكبار من إنكار الحق وظلم أهله ، والتطلع إليهم من موقع العلوّ والرفعة ، كما لو كانوا كمّيات مهملة لا توحي بشيء من الاحترام والاهتمام ، لأن مقياس المستكبرين في تقييمهم للأفكار وللأشخاص ، هو القيم المادية التي تحكم الساحة ، من مال وجاه وامتيازات ، ولكنّ ذلك هو شأن الدنيا من خلال ما تتحرّك به المادّيات في التأثير على حركة الإنسان والحياة ... أمّا شأن الآخرة ، فله مجال آخر ، في ما قدّمه الناس من أعمال صالحة ، وما عاشوه من إيمان وتقوى وصلاح ، ولذلك فإنّ كلّ ما يتركه الإنسان من مال وجاه خلفه في الدنيا ، لا يعني شيئا في عملية التقييم لدى الله ، ولا يغني عنهم شيئا في ما يستحقونه من عذاب وعقاب ، (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) ، لأنكم تعتبرون رحمة الله خاضعة لقيم الدنيا في امتيازاتها التي تصنف الناس تبعا لإمكاناتهم المادّية ومواقعهم الاجتماعية. إن هؤلاء هم الذين يملكون الدرجة العليا في الآخرة ، وهم أهل الكرامة والمنزلة عند الله ، الذين أفاض الله عليهم رحمته ، وأسبغ عليهم نعمته ...
* * *
أصحاب النار يتوسلون أصحاب الجنة
ثم يلتفتون إلى أهل الجنة ، ليقولوا لهم ، بكل محبة وتقدير وتبريك : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) وهنا يعود الحديث إلى حوار أهل