الله في الآخرة.
* * *
لا أسف على الكافرين
ووقف شعيب أمام هذا المشهد الرهيب ، مشهد هؤلاء الذين كذّبوه وأرادوا أن يطردوه ، وهم جاثمون في دارهم ، فلم يكن ردّ فعله التشفّي أو الشماتة ، بل الأسف على هؤلاء القوم الذين أوصلوا أنفسهم إلى هذه النتيجة الخاسرة ، لأنهم لم ينفتحوا على الله من موقع الإيمان. (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) ، فلم أدّخر أيّ جهد في إبلاغ الرسالات وفي تقديم النصائح ، ولكنكم لم تستجيبوا لي ، ولم تفكّروا في ذلك كله ، فاستسلمتم للكفر والجحود والعصيان (فَكَيْفَ آسى) وأحزن (عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) ، لأنني أعيش في مشاعري روح الإيمان بالله؟! وفي هذا الجوّ ، لا بد للمؤمن من أن يتعاطف مع من يحبّون الله ويحملون مسئولية الحياة بمناهج الحق ، أمّا من يحبّون أنفسهم ويتمرّدون على الله ، ويملأون الحياة كفرا وضلالا وانحرافا ، فلا مجال للأسف عليهم ، لأنهم اختاروا طريق الضلال والهلاك بملء إرادتهم واختيارهم ، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
* * *