خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) وأسكنكم فيها ، ومهّد لكم كل الوسائل التي تجعل من إقامتكم فيها فرصة طيّبة مريحة في ما منحكم من القوة والغنى ، (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) ، لتكون الذكرى أساسا للتفكير العملي الواعي الذي يدفعكم للسير في نهجه القويم وخطّه المستقيم ، كتعبير عن شكره. (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ولا تتحركوا في الأرض بخطط الفساد والإفساد التي تسيء إلى حياة الناس وأمورهم العامة والخاصة ، لأن الله يريد للإنسان أن يستعمل الطاقات التي أودعها فيه ، أو سخرها له ، وأن يحركها في إصلاح الحياة على الأسس التي أراد أن ترتكز عليها. فمن ينحرف عن هذا الخط ، يعرّض نفسه لعذاب الله. وربما كان من الطبيعي أن يستوحوا تخطيطهم لحركة الإصلاح من تعاليم الله وما أوحى به لرسله ، لأنها تمثل المنهج الأقوم في هذا الاتجاه.
* * *
المستضعفون يؤمنون بالنبي صالح عليهالسلام
وكان في قومه مستضعفون ومستكبرون ، فاستجاب له المستضعفون ، لأنهم رأوا في دعوته الحقيقة الصافية التي كانوا يبحثون عنها ، والروح الحرّة التي تنقذهم من عبوديتهم لضغوط المستكبرين ، والإرادة القوية التي تمنحهم قوة الرفض لحالة الاستضعاف التي يفرضها عليهم الأقوياء ... وهكذا آمنوا به وساروا معه. أما المستكبرون ، فقد واجهوه بالتكذيب والكفر والتمرّد من موقع الاستعلاء ، لأنهم رأوا في هذه الدعوة نسفا لامتيازاتهم الاستكبارية ، لأنها تدعو للمساواة بين الناس ، باعتبارهم متساوين في عبوديتهم لله ، وفي إنسانيتهم وفي خصائصها البشرية ، بعيدا عن امتيازات الغنى والقوة والنسب والجاه ، فتلك أمور لا تعتبر قيمة كبيرة في حساب الإيمان ، بل القيمة الكبيرة