يتلذذ أو يلبس ، وحرّم عليه بعض الأشياء المتصلة بسلامته المادية المعنوية ، ولكنه أكل ، ولا يزال يأكل ، من شجرة الحرام ، في الحرام ، في حاجاته المتنوعة ، الأمر الذي يعرضه للطرد من الجنة في الآخرة ، ومن السعادة في الدنيا ، وهذا مما لا بد للإنسان أن يعيه وعيا عميقا واسعا منفتحا على المصالح والمفاسد التي تتصل بحياته من الناحية الإيجابية والسلبية على مستوى الدنيا والآخرة ، لأن قضية الخضوع للحسّ في حاجاته ليست قيمة إنسانية ، بل القيمة هي حماية الإنسان في إنسانيته المنفتحة على رضوان الله ونعيمه في الدنيا والآخرة ، مما يفرض عليه الدخول في عملية مقارنة بين النتائج الإيجابية الحاصلة من الامتناع عن المحرمات والاكتفاء بالمحلّلات ، والنتائج السلبية الحاصلة من الإقبال عليها ، وهذا هو ما ترمز إليه قصة آدم الذي ترك أشجار الجنة التي تحفل بأفضل المشتهيات وألذّها وأحلاها ، واستغرق ، بوحي وسوسة إبليس ، في هذه الشجرة المحرّمة التي قد لا يكون لها أية ميزة ذاتية.
* * *
إيحاءات ردود فعل آدم وحواء على ظهور سوآتهما
أما مسألة ظهور السوأة لهما ، الذي كان هدف إبليس في إيقاظ الجانب الجنسي في إحساسهما من خلال ارتباط الأكل من الشجرة المحرّمة بالوقوع تحت تأثير الضعف الإنساني الغريزي الكامن في الجسد الذي استيقظ في حيويته الفعلية بالتجربة الجديدة ، فإنه يوحي بأنّ السقوط في تجربة الاستغراق في الشهوة في جانب ، قد يؤدي إلى الوقوع في تجربة ثانية أو إلى الانفتاح على عالم الشهوات ، مما قد يثير في النفس بعض المشاعر والأحاسيس الحميمة الخفية التي قد تعدّ الإنسان للوقوع في الحرام.