هي للتقوى وللعمل الصالح المنتج ، على مستوى قضايا الحياة.
وهكذا وقفوا في وجه هذه الدعوة ، ولكنهم كانوا يشعرون بالرعب والذعر من خلال تنامي قوة صالح عليهالسلام في أوساط الفئات المحرومة الفقيرة من المستضعفين ، مما قد يترك أثرا سلبيا على مستوى امتيازاتهم وسلطاتهم المستقبلية ، باعتبار أن المستضعفين يمثّلون القوّة الحقيقية التي تدعم كل أوضاعهم السياسية والاقتصادية والعسكرية ، فإذا انفصلوا عنهم واتّبعوا النبي الجديد ، فمعنى ذلك أن القوّة ستنتقل إلى موقع آخر ، مما يجعلهم في موقف الضعف والنبي في موقف القوّة ، ولذلك فقد حاولوا إثارة حالة من التشكيك عند المستضعفين المؤمنين ليقودوهم ـ بعد ذلك ـ إلى التمرد والكفر ...
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ)؟! .. في لهجة الإنكار والاستغراب ، كمن يقول لصاحبه : هل تصدق مثل هذا القول ، أم أنك تمزح ، أم أنك تنطلق في إقرارك من موقع المصلحة والطمع؟! ليقوده إلى التراجع طلبا لاحترامه ، لأن من لا يملكون قوة الشخصية ، يستعيرون ثقتهم بأنفسهم من رضا الآخرين عنهم ، فإذا شعروا بأي نوع من أنواع الاهتزاز في ثقة الناس بهم ، لعدم رضاهم عن بعض أفكارهم أو مواقفهم أو تطلعاتهم ، انكمشوا في داخل ذواتهم ، وحاولوا استعادة ما فقدوه بالالتزام بما لا يؤمنون به ، لمجرد أن الناس الكبار يؤمنون به ، ويستريحون له. ولكن المستضعفين ـ الذين استطاعوا أن يحصلوا على قوّة الشخصيّة من خلال إيمانهم الجديد ـ واجهوا هذا الأسلوب بموقف قويّ حاسم ، يؤكد الوقفة الإيمانية كما لو كانت شيئا لا يقبل التراجع مهما كلف الأمر ؛ (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) على أساس الوعي للرسالة ، والإيمان بالفكرة ، والقناعة بخط التحرك ... وهذا لا يجعل من القضية شأنا ذاتيا خاضعا للتغيير والتبديل على أساس حسابات الربح والخسارة ، أو موازين