سائدة لدى المجتمع الجاهلي من العري والقذارة والرائحة غير الطيّبة ، وما إلى ذلك مما يريد الإسلام إبعاد الإنسان عنه ، لا سيما داخل الحياة الاجتماعية التي لا يكون مظهره شأنا شخصيا له ، بل شأنا عاما يمس ذوق الآخرين في ما يحبونه ويألفونه وفي ما لا يحبونه ولا يألفونه ، فيكون في ذلك إحسان لهم في مجال ، أو إساءة لهم في مجال آخر. وفي ضوء ذلك ، نستطيع اعتبار أن المسألة تتعدى الاجتماع في المسجد إلى كل مكان يجتمع فيه الناس ، على أساس أن الخصوصية ليست للمكان ، بل هي للأجواء التي تهيمن على المكان.
وقد وردت الروايات المتعددة التي تتحدث عن تطبيق مضمون الآية على العيدين والجمعة ويوم عرفة ، كما وردت في الحديث عن التمشط والاغتسال والتطيب.
وقد امتدّ الاستيحاء للآية في معنى الجمال والتجمّل إلى ما يشمل النظافة والطيب وجمال البناء ونحو ذلك ، فقد جاء عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قال : «إن الله يحب الجمال والتجمل ، ويبغض البؤس والتباؤس ، فإن الله إذا أنعم على عبده بنعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها ، قال : قيل : كيف ذلك؟ قال : ينظّف ثوبه ، ويطيّب ريحه ، ويجصص داره ، ويكنس أفنيته ، حتى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ويزيد في الرزق» (١).
«وفي حديث آخر عنه قال : أبصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجلا شعثا شعر رأسه ووسخة ثيابه ، سيّئة حاله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من الدين المتعة» (٢).
وهكذا نفهم من هذه الأحاديث أن مسألة التزيّن هي مسألة تتصل
__________________
(١) الحر العاملي ، محمد بن الحسن ، وسائل الشيعة ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ٦ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ٣ ، ص : ٣٤١ ، باب : ١ ، رواية : ٩.
(٢) الكافي ، ج : ٦ ، ص : ٤٣٩ ، رواية : ٥.