بل كان دورهم دور التكذيب القائم على العقدة المستعصية. وقد حدثنا الله في آيات أخرى ، أنهم كانوا يسخرون منه ، وأنهم أصمّوا أسماعهم ، وأغمضوا عيونهم ، وجمّدوا عقولهم ، ولا حقوه بحقدهم وبغيهم ... (فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) ليبدأوا المسيرة الإنسانية الجديدة ، بروح حيّة فاعلة ، وإرادة مؤمنة واعية (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بالطوفان الذي لم يترك موضعا لهم إلا واقتحمه وأغرقه ، حتى أعالي الجبال ، ليغرقوا جميعا. (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ) ، فقد كانوا يعيشون في ظلمة دامسة من أطماعهم وشهواتهم ، بحيث غطّت على رؤيتهم الواعية للأشياء. وهذا ما عبرت عنه الآية بالعمى المراد منه عمى الفكر والقلب والشعور لا عمى البصر. وتلك هي مشكلة الفكر والضلال في حياة الكافرين والضالّين ، فهم لا يفتحون عقولهم على الحق ، ولا يحركون أفكارهم في اتجاه معرفة الحقيقة ... وتلك هي قصّتنا الطويلة في مسيرة الدعوة إلى الله.
* * *