(وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) يضمر لكما الحقد والعداوة والحسد ، منذ رفض السجود مع الملائكة ، وخالف أمر الله بذلك ، ووقف وقفة التحدي للإنسان ليغويه ويضرّه ويقوده إلى عذاب السعير؟ وها أنتما تريان كيف قادكما إلى هذا الموقف المهين.
وتمثّلت لهما الجريمة في مستوى الكارثة ؛ كيف نسيا تحذير الله لهما ، كيف أقبلا على ممارسة الرغبة المحرّمة وغفلا عن عداوة الشيطان لهما ، وكيف خالفا أمر الله الذي خلقهما وأنعم عليهما؟؟ وبدءا يعيشان الندم كأعمق ما يكون ، في إحساس بالحسرة والمرارة والذعر ... ولكنهما لم يستسلما لهذه المشاعر السلبية طويلا ، ولم يسقطا في وهدة اليأس ، فلهما من الله أكثر من أمل ، لأنه الرب الكريم الذي لا يتعاظمه غفران الذنب العظيم. فرجعا إليه ، وعادا إلى كنف رحمته يتطلعان إلى مغفرته ورضوانه ، في موقف الاعتراف الخاشع. (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) بما أخطأنا وما خالفنا ، لأننا لم نتصور أن هناك مخلوقا يغش ويخدع ، أو يكذب ويخون ... فنحن لم نخض تجربة مماثلة سابقة في حياتنا ، أو في حياة مخلوقات أخرى ، فاستسلمنا للخداع بطيبة قلب ، وغفلنا عن كل النتائج السلبية من جرّاء ذلك ، وربما خيّل لنا أن مثل هذه الأفكار التي أثارها في أنفسنا قد تصلح مبررا لتجاوز النّهي ، لأننا لم نتعمق في معرفة مسئولية الإنسان أمام الأمر والنهي بشكل دقيق. وها نحن أمامك نفتح لك قلوبنا وأفكارنا وحياتنا كلها لتكون بين يديك ، في ما نستقبل من قضايا وأوضاع ، وما تريده أو لا تريده منا. فأمرنا أو انهنا نطعك في ذلك كله ..
وتلك هي روحيّة الإنسان المؤمن في حالة الاعتراف النادم بالذنب أمام الله ، من أجل مواجهة الموقف بالتوبة للحصول على المغفرة والرحمة. فاغفر لنا بمغفرتك ، وارحمنا برحمتك ، (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) الذين خسروا أنفسهم بفقدانهم لرحمة الله ومغفرته ورضوانه ... وهذا ما لا