والعجب والرياء ، إذ لكل من هذه المعاني صورة في الباطن كما لها صورة في الدنيا ، لكن صورتها التي في الدنيا مغشوشة بغيرها ، مغموسة في مادتها ممنوعة عن تأثيرها بعوائق خارجية.
فسبع الدنيا يمكن الاحتراز عنها بمانع أو حجاب أو عدم قصد من جانبه أو غير ذلك ، بخلاف السبع الباطني فإن كله حقيقة السبعية ، وهو مع ذلك متمكن من صميم قلب من رسخت ملكة السبعية فيه ، وكذلك الحيات والعقارب التي في البرزخ أو في الآخرة ، فإنها لازمة الإيلام والإيذاء من غير دافع ولا معارض ، لأنها صور خالصة بلا امتزاج بغيرها ولا افتراق وانفكاك بعد ، إذ الصور كلها في القيامة صور محضة بسيطة غير مشوبة بغواش وملابس ومواد ، وكذا نار الآخرة ليست كنار الدنيا ممزوجة بغيرها من دخان أو هواء أو مادة حطب أو فتيلة دهن أو غيرها ، بل نار محضة قطاعة (نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى).
وقد ورد في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله في عذاب القبر أنه قال هل تدرون فيما ذا أنزلت (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قالوا الله ورسوله أعلم ، قال عذاب الكافر في قبره أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ، هل تدرون ما التنين تسعة وتسعون حية لكل حية تسعة رءوس ينهشونه ويلحسونه وينفخون في جسمه إلى يوم يبعثون ، فانظر يا عارف بين التدبر والاعتبار في هذا الحديث وتبصر واهتد.
فإني والحمد لله أعلم بعين اليقين أن هذا الحديث ونظائره الواردة من طريق الكتاب والسنة في أحوال القيامة وأهوالها حق وصدق ، فآمنت بها إيمانا عيانيا مقرونا بالكشف والشهود «و (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا) و (جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) ، ولست كالمتفلسف الجاهل بأحكام الآخرة وأحوال القيامة ينكر هذا وأمثاله ويجحدها ، ويقول إني نظرت في قبر فلان فلم أر شيئا من تلك الحيات أصلا ، وليعلم الجاهل المتفلسف العنين في معرفة الله واليوم الآخر أن هذا التنين له صورة غائبة عن هذا الحواس ، إذ مدركاتها مختصة بما له وضع مادي بالنسبة إلى محل الحس الداثر ، ولأجل ذلك