ومن العجب أن مأخذ كلام الإمام أبي المعالي إذا كان بهذه المثابة ، فكيف يمكن إضافة الفعل إلى الأسباب حقيقة؟.
هذا ونعود إلى كلام صاحب المقالة. قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري : إذا كان الخالق على الحقيقة هو الباري تعالى لا يشاركه في الخلق غيره ، فأخص وصفه تعالى هو : القدرة على الاختراع. قال : وهذا هو تفسير اسمه تعالى الله.
وقال الأستاذ أبو إسحاق (١) الأسفرايني : أخص وصفه هو : كون يوجب تمييزه عن الأكوان كلها.
وقال بعضهم : نعلم يقينا أن ما من موجود إلا ويتميز عن غيره بأمر ما ، وإلا فيقتضي أن تكون الموجودات كلها مشتركة متساوية ، والباري تعالى موجود ، فيجب أن يتميز عن سائر الموجودات بأخص وصف ، إلا أن العقل لا ينتهي إلى معرفة والباري تعالى موجود ، فيجب أن يتميز عن سائر الموجودات بأخص وصف ، إلا أن العقل لا ينتهي إلى معرفة ذلك الأخص ، ولم يرد به سمع ، فنتوقف.
ثم هل يجوز أن يدركه العقل؟ ففيه خلاف أيضا ، وهذا قريب من مذهب ضرار ، غير أن ضرارا أطلق لفظ الماهية عليه تعالى ، وهو من حيث العبارة منكر.
ومن مذهب الأشعري : أن كل موجود يصح أن يرى ، فإن المصحح للرؤية إنما هو الوجود. والباري تعالى موجود فيصح أن يرى. وقد ورد السمع بأن المؤمنين يرونه في الآخرة (٢) ، وقال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها
__________________
(١) هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران. عالم بالفقه والأصول. كان يلقب بركن الدّين. قال ابن تغري بردي : وهو أول من لقب من الفقهاء. نشأ في إسفرايين (بين نيسابور وجرجان) ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له فيها مدرسة عظيمة فدرّس فيها. له كتاب «الجامع» في أصول الدين. مات في نيسابور سنة ٤١٨ ه / ١٠٢٧ م. (راجع شذرات الذهب ٣ : ٢٠٩ وطبقات السبكي ٣ : ١١١).
(٢) قال علماء أهل السنّة إن رؤية الله سبحانه وتعالى ممكنة غير مستحيلة عقلا وأجمعوا على وقوعها في الآخرة. وأن المؤمنين يرون الله سبحانه وتعالى دون الكافرين بدليل قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ ـ