في ذاته ، وشرط الموجود والمعدوم أن يكونا مباينين لذاته ، ولو جاز وقوع معدوم في ذاته بالقدرة من غير واسطة إعدام لجاز حصول سائر المعدومات بالقدرة ، ثم يجب طرد ذلك في الموجد ، حتى تقدير عدم ذلك الإعدام ، فيسلسل ، فارتكبوا لهذا التحكم استحالة عدم ما يحدث في ذاته.
ومن أصلهم أن المحدث إنما يحدث في ثاني حال ثبوت الإحداث بلا فصل ، ولا أثر للإحداث في حال بقائه.
ومن أصلهم : أن ما يحدث في ذاته من الأمر فمنقسم إلى :
١ ـ أمر التكوين ، وهو فعل يقع تحته المفعول.
٢ ـ وإلى ما ليس أمر التكوين : وذلك إما خبر ، وإما أمر التكليف ، ونهي التكليف. وهي أفعال من حيث دلت على القدرة ، ولا تقع تحتها مفعولات. هذا هو تفصيل مذاهبهم محل الحوادث.
وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء مثل التجسيم فإنه قال : أراد بالجسم : القائم بالذات ، ومثل الفوقية فإنه حملها على العلو. وأثبت البينونة غير المتناهية ، وذلك الخلاء الذي أثبته بعض الفلاسفة ، ومثل الاستواء ، فإنه نفي المجاورة والمماسة ، والتمكن بالذات غير مسألة محل الحوادث فإنها لم تقبل المرمة ، فالتزمها كما ذكرنا. وهي من أشنع المحالات عقلا.
وعند القوم أن الحوادث تزيد على عدد المحدثات بكثير. فيكون في ذاته أكثر من عدد المحدثات عالم من الحوادث ، وذلك محال وشنيع.
ومما أجمعوا عليه من إثبات الصفات قولهم : الباري تعالى عالم بعلم ، قادر بقدرة ، حي بحياة ، شاء بمشيئته ، وجميع هذه الصفات صفات قديمة أزليّة قائمة بذاته. وربما زادوا السمع والبصر كما أثبته الأشعري ، وربما زادوا اليدين ،