ويزيد (١) بن أبي عاصم المحاربي ، وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية (٢) وكانوا يومئذ في اثني عشر ألف رجل أهل صلاة وصيام ، أعني يوم النهروان.
وفيهم قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «تحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم وصوم أحدكم في جنب صيامهم ، لكن لا يجاوز إيمانهم تراقيهم».
فهم المارقة الذين قال فيهم : «سيخرج من ضئضئ (٣) هذا الرّجل قوم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة».
وهم الذين أولهم ذو الخويصرة (٤) ، وآخرهم ذو الثدية. وإنما خروجهم في الزمن الأول على أمرين :
أحدهما : بدعتهم في الإمامة. إذ جوّزوا أن تكون الإمامة في غير قريش (٥) ، وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب الجور كان إماما. ومن خرج عليه يجب نصب القتال معه. وإن غير السيرة وعدل عن الحق وجب عزله أو قتله. وهم أشد الناس قولا بالقياس. وجوزوا أن لا يكون في العالم إمام أصلا. وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا أو حرا ، أو نبطيا أو قرشيا.
__________________
(١) هو من رءوس الخوارج. ولما خطب علي فقال : الله أكبر كلمة حق يراد بها باطل إن سكتوا عممناهم وإن تكلموا حجبناهم وإن خرجوا علينا قاتلناهم فوثب يزيد بن عاصم المحاربي فقال : الحمد لله غير مودع ربنا ، ولا مستغنى عنه اللهم إنا نعوذ بك من إعطاء الدنية في ديننا فإن إعطاء الدنية في الدين ادهان في أمر الله عزوجل ، وذل راجع بأهله إلى سخط الله ، يا علي أبا لقتل تخوفنا ، أما والله إني لأرجو أن نضربكم بها عما قليل غير مصفحات ، ثم لتعلمن أينا أولى بها صليا ، ثم خرج بقومه هو وإخوة له ثلاثة هو رابعهم فأصيبوا مع الخوارج بالنهروان وأصيب أحدهم بعد ذلك بالنخيلة. (راجع الطبري ٦ : ٤١).
(٢) يختلف العلماء في ضبط هذه الكلمة. (راجع اللسان ث د ي والكامل للمبرد ٢ : ١٣٩ والبدء والتاريخ ٥ : ١٣٥).
(٣) الضئضئ : الأصل.
(٤) راجع الكامل للمبرد ٣ : ٩١٩ ط. الحلبي.
(٥) صفة الإمام الذي يلزم العقد له ، يجب أن يكون على أوصاف منها : أن يكون قرشيا من الصميم ، ودليله أمور منها قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «الأئمة من قريش ما بقي منهم اثنان». (راجع التمهيد ص ١٨١).