ومن القائلين بمقالة أبي ثوبان هذا : أبو مروان غيلان (١) بن مروان الدمشقي ، وأبو شمر (٢) ، ومويس (٣) بن عمران ، والفضل الرقاشي ، ومحمد (٤) بن شبيب ، والعتابي ، وصالح قبة (٥).
وكان غيلان يقدر بالقدر خيره وشره من العبد ، وفي الإمامة أنها تصلح في غير قريش، وكل من كان قائما بالكتاب والسنة كان مستحقا لها ، أو أنها لا تثبت إلا بإجماع الأمة. والعجب أن الأمة أجمعت على أنها لا تصلح لغير قريش. وبهذا دفعت الأنصار عن قولهم : منا أمير ومنكم أمير. فقد جمع غيلان خصالا ثلاثا : القدر ، والإرجاء ، والخروج.
والجماعة التي عددناهم اتفقوا على أن الله تعالى لو عفا عن عاص في القيامة ، عفا عن كل مؤمن عاص هو في مثل حاله. وإن أخرج من النار واحدا ، أخرج من هو في مثل حاله. ومن العجب أنهم لم يجزموا القول بأن المؤمنين من أهل التوحيد يخرجون من النار لا محالة.
ويحكى عن مقاتل بن سليمان : أن المعصية لا تضر صاحب التوحيد والإيمان. وأنه لا يدخل النار مؤمن. والصحيح من النقل عنه : أن المؤمن العاصي ربه يعذب يوم القيامة على الصراط وهو على متن جهنم ، يصيبه لفح النار وحرها
__________________
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) قال عبد القاهر البغدادي ص ٢٠٦ : «قال أبو شمر : الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله تعالى ، وبما جاء من عنده مما اجتمعت عليه الأمّة كالصلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير ووطء المحارم ونحو ذلك وما عرف بالعقل من عدل الإيمان وتوحيده ونفي التشبيه». وأبو شمر جمع بين الإرجاء والقدر من أصحاب النظام ، وهو رأس الشمرية.
(٣) في «نسخة» : موسى بن عمران.
(٤) محمد بن شبيب الدمشقي ، وهو غير محمد بن شبيب الزهراني البصري الذي روى عن الشعبي والحسن فإنه محدث ثقة. أما الدمشقي فهو من أصحاب النظام وممن جمع بين الإرجاء والقدر. (راجع تهذيب التهذيب ٩ : ٢١٨).
(٥) صالح قبة : يظهر أنه صالح بن محمد الترمذي وكان مرجئا جهميا. (راجع الميزان ١ : ٤٥٩).