حقيقة في ذلك العالم. والمنتشر في الآفاق من الحكم والأسرار يجتمع في الشخص الإنساني ، وهو العلم الذي استأثر عليّ رضي الله عنه به ابنه محمد بن الحنفية ، وهو أفضى ذلك السر إلى ابنه أبي هاشم ، وكل من اجتمع فيه هذا العلم فهو الإمام حقا.
واختلف بعد أبي هاشم شيعته خمس فرق :
١ ـ فرقة قالت : إن أبا هاشم مات منصرفا من الشام بأرض الشراة (١) ، وأوصى إلى محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس ، وانجرت في أولاده الوصية حتى صارت الخلافة إلى بني العباس ، قالوا : ولهم في الخلافة حق لاتصال النسب ، وقد توفي رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وعمه العباس أولى بالوراثة.
٢ ـ وفرقة قالت : إن الإمامة بعد موت أبي هاشم لابن أخيه الحسن بن عليّ بن محمد بن الحنفية.
٣ ـ وفرقة قالت : لا ، بل إن أبا هاشم أوصى إلى أخيه عليّ بن محمد ، وعليّ أوصى إلى ابنه الحسن ، فالإمامة عندهم في بني الحنفية لا تخرج إلى غيرهم.
٤ ـ وفرقة قالت : إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو بن الكندي ، وإن الإمامة خرجت من أبي هاشم إلى عبد الله ، وتحوّلت روح أبي هاشم إليه. والرجل ما كان يرجع إلى علم وديانة ، فاطلع بعض القوم على خيانته وكذبه ، فأعرضوا عنه ، وقالوا : بإمامة عبد الله (٢) بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
وكان من مذهب عبد الله : أن الأرواح تتناسخ من شخص إلى شخص ، وأن
__________________
(١) الشراة : صقع بالشام بين دمشق ومدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم ومن بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة كان يسكنها ولد علي بن عبد الله بن عباس أيام بني مروان.
(٢) تقدّمت ترجمته.