في زمانه ، وليس هو المحسوس الذي يرونه. ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها.
ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بسبخة الكوفة. وافترقت الخطابية بعده فرقا.
فزعمت فرقة أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له معمر (١) ، ودانوا به كما دانوا بأبي الخطاب. وزعموا أن الدنيا لا تفنى ، وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية. وأن النار هي التي تصيب الناس من شر ومشقة وبلية. واستحلّوا الخمر والزنا ، وسائر المحرمات. ودانوا بترك الصلاة والفرائض. وتسمى هذه الفرقة المعمرية.
وزعمت طائفة أن الإمام بعد أبي الخطاب : بزيغ (٢) ، وكان يزعم أن جعفرا هو الإله ؛ أي ظهر الإله بصورته للخلق. وزعم أن كل مؤمن يوحى إليه من الله ، وتأول قول الله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٣) أي يوحى إليه من الله. وكذلك قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) (٤) وزعم أن من أصحابه من هو أفضل من جبريل وميكائيل. وزعم أن الإنسان إذا بلغ الكمال لا يقال له إنه قد مات ، ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل رجع إلى الملكوت. وادعوا كلهم معاينة أمواتهم ، وزعموا أنهم يرونهم بكرة وعشية. وتسمى هذه الطائفة البزيغية.
__________________
(١) هو معمر بن خيثم أبو بشار الشعيري. ادعى الألوهية وقد خرج ابن اللبان يدعو إليه وقال إنه الله عزوجل وصلى له وصام وأحل الشهوات كلّها ما حلّ منها وما حرم وزعم أن كل شيء أحلّه الله في القرآن وحرمه فإنما هو أسماء رجال. (فرق الشيعة ص ٤٣ و ٤٤).
(٢) هو بزيغ بن موسى الحائك وقد لعنه الصادق ولعن جماعة معه ، وقد زعمت فرقته أنه نبي رسول وقد أرسله جعفر وشهد لأبي الخطاب بالرسالة وبرئ أبو الخطاب وأصحابه من بزيغ كما برئ منه جعفر وشهد أنه كافر شيطان. (فرق الشيعة ص ٤٣ و ٤٤).
(٣) سورة يونس : الآية ١٠٠.
(٤) سورة النحل : الآية ٦٨.