ومن مذهب هشام أنه قال : لم يزل الباري تعالى عالما بنفسه ، ويعلم الأشياء بعد كونها بعلم ، لا يقال فيه إنه محدث ، أو قديم ، لأنه صفة ، والصفة لا توصف. ولا يقال فيه : هو هو ، أو غيره أو بعضه.
وليس قوله في القدرة والحياة كقوله في العلم ، إلا أنه لا يقول بحدوثهما. قال : ويريد الأشياء ، وإرادته حركة ليست هي عين الله ، ولا هي غيره.
وقال في كلام الباري تعالى : إنه صفة للباري تعالى ولا يجوز أن يقال هو مخلوق أو غير مخلوق.
وقال : الأعراض لا تصلح أن تكون دلالة على الله تعالى ، لأن منها ما يثبت استدلالا ، وما يستدل به على الباري تعالى يجب أن يكون ضروري الوجود لا استدلالا ، وقال : الاستطاعة كل ما لا يكون الفعل إلا به كالآلات ، والجوارح ، والوقت ، والمكان.
وقال هشام بن سالم إنه تعالى على صورة إنسان ، أعلاه مجوف ، وأسفله مصمت. وهو نور ساطع يتلألأ ، وله حواس خمس ، ويد ، ورجل ، وأنف ، وأذن ، وفم ، وله وفرة (١) سوداء ، هي نور أسود ، لكنه ليس بلحم ولا دم. وقال هشام بن سالم : الاستطاعة بعض المستطيع ، وقد نقل عنه أنه أجاز المعصية على الأنبياء مع قوله بعصمة (٢) الأئمة ، ويفرق بينهما بأن النبي يوحى إليه فينبه على وجه الخطأ فيتوب عنه. والإمام لا يوحى إليه فتجب عصمته.
وغلا هشام بن الحكم في حق علي رضي الله عنه حتى قال : إنه إله واجب الطاعة ، وهذا هشام بن الحكم صاحب غور (٣) في الأصول ، لا يجوز أن يغفل عن
__________________
(١) الوفرة : الشعر المجتمع على الرأس وقيل ما سال على الأذنين من الشعر. (راجع اللسان مادة وفر).
(٢) راجع أصول الدين ص ٢٧٧.
(٣) أي متعمق النظر فيها.