فبالعراق يسمون : الباطنيّة والقرامطة ، والمزدكية.
وبخراسان : التعليمية ، والملحدة.
وهم يقولون نحن الإسماعيلية لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم ، وهذا الشخص.
ثم إن الباطنيّة القديمة قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة ، وصنفوا كتبهم على هذا المنهاج ، فقالوا في الباري تعالى : إنا لا نقول : هو موجود ، ولا لا موجود ، ولا عالم ولا جاهل ، ولا قادر ولا عاجز.
وكذلك في جميع الصفات ، فإن الإثبات الحقيقي يقتضي شركة بينه وبين سائر الموجودات في الجهة التي أطلقنا عليه ، وذلك تشبيه ، فلم يكن الحكم بالإثبات المطلق والنفي المطلق ، بل هو إله المتقابلين وخالق المتخاصمين ، والحاكم بين المتضادين. ونقلوا في هذا نصّا عن محمد بن علي الباقر أنه قال : «لما وهب العلم للعالمين قيل هو عالم ، ولما وهب القدرة للقادرين قيل هو قادر ، فهو عالم قادر بمعنى أنه وهب العلم والقدرة ؛ لا بمعنى أنه قام به العلم والقدرة ، أو وصف بالعلم والقدرة».
فقيل فيهم إنهم نفاة الصفات حقيقة ، معطلة الذات عن جميع الصفات.
قالوا : وكذلك نقول في القدم : إنه ليس بقديم ولا محدث ، بل القديم : أمره ، وكلمته ، والمحدث : خلقه وفطرته.
أبدع بالأمر العقل الأول الذي هو تام بالفعل ، ثم بتوسطه أبدع النفس التالي الذي هو غير تام. ونسبة النفس إلى العقل إما نسبة النطفة إلى تمام الخلقة ، والبيض إلى الطير وإما نسبة الولد إلى الوالد ، والنتيجة إلى المنتج ، وإما نسبة الأنثى إلى الذكر ، والزوج إلى الزوج. قالوا : ولما اشتاقت النفس إلى كمال العقل احتاجت إلى حركة من النقص إلى الكمال ، واحتاجت الحركة إلى آلة الحركة ، فحدثت الأفلاك السماوية وتحركت حركة دورية بتدبير النفس ، وحدثت الطبائع البسيطة بعدها ،