الذات ، ولا هي هو. واتحدت الكلمة بجسد عيسى عليهالسلام ، لا على طريق الامتزاج كما قالت الملكانية ، ولا على طريق الظهور به كما قالت اليعقوبية ، ولكن كإشراق الشمس في كوة على بلورة ، وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم :
وأشبه المذاهب بمذهب نسطور في أحوال أبي هاشم (١) من المعتزلة ، فإنه يثبت خواص مختلفة لشيء واحد ، ويعني بقوله واحد ، يعني الإله. قال هو واحد بالجوهر ، أي ليس هو مركبا من جنسين بل هو بسيط وواحد. ويعني بالحياة والعلم أقنومين جوهرين ، أي أصلين مبدأين للعالم. ثم فسر العلم بالنطق ، والكلمة ، ويرجع منتهى كلامه إلى إثبات كونه تعالى موجودا ، حيا ، ناطقا كما تقول الفلاسفة في حد الإنسان ، إلا أن هذه المعاني تتغاير في الإنسان لكونه جوهرا مركبا ، وهو جوهر بسيط غير مركب.
وبعضهم يثبت لله تعالى صفات أخر بمنزلة القدرة والإرادة ونحوهما. ولم يجعلوها أقانيم كما جعلوا الحياة والعلم أقنومين.
ومنهم من أطلق القول بأن كل واحد من الأقانيم الثلاثة : حي ، ناطق ، إله ، وزعم الباقون أن اسم الإله لا يطلق على كل واحد من الأقانيم.
وزعموا أن الابن لم يزل متولدا من الأب ، وإنما تجسد واتحد بجسد المسيح حين ولد. والحدوث راجع إلى الجسد والناسوت ، فهو إله وإنسان اتحدا ، وهما جوهران ، أقنومان ، طبيعتان : جوهر قديم ، وجوهر محدث ، إله تام وإنسان تام. ولم يبطل الاتحاد قدم القديم ، ولا حدوث المحدث ، لكنهما صارا مسيحا واحدا ، طبيعة واحدة. وربما بدلوا العبارة فوضع مكان الجوهر : الطبيعة ، ومكان الأقنوم : الشخص.
وأما قولهم في القتل والصلب فيخالف قول الملكانية واليعقوبية. قالوا إن القتل وقع على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لا هوته ، لأن الإله لا تحله الآلام.
__________________
(١) أبو هاشم الجبائي تقدمت ترجمته.