بالدينور ، فقال : خذوا حشيشة ، وصفها لهم واعصروا ماءها في عينه فإنه يبصر ، ففعلوا فأبصر الأعمى.
وهذا من جملة معرفته بخاصية الحشيش ، وليس من المعجزات في شيء.
ومن المجوس الزردشتية صنف يقال لهم السيسانية ، والبه آفريدية (١) ، رئيسهم رجل يقال له سيسان من رستاق (٢) نيسابور ، من ناحية يقال لها خواف ، خرج في أيام أبي مسلم صاحب الدولة ، وكان زمزميا (٣) في الأصل يعبد النيران ، ثم ترك ذلك ودعا المجوس إلى ترك الزمزمة ورفض عبادة النيران. ووضع لهم كتابا ، وأمرهم فيه بإرسال الشعور ، وحرم عليهم الأمهات والبنات والأخوات ، وحرم عليهم الخمر ، وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة ، وهم يتخذون الرباطات ، ويتبادلون الأموال ، ولا يأكلون الميتة ، ولا يذبحون الحيوان حتى يهرم ، وهم أعدى خلق الله للمجوس الزمازمة. ثم إن موبذ (٤) المجوس رفعه إلى أبي مسلم فقتله على باب الجامع بنيسابور. وقال أصحابه : إنه صعد إلى السماء على برذون أصفر ، وإنه سينزل على البرذون فينتقم من أعدائه. وهؤلاء قد أقروا بنبوة زردشت ، وعظموا الملوك الذين يعظمهم زردشت.
ومما أخبر به زردشت في كتاب زند أوستا أنه قال : سيظهر في آخر الزمان رجل اسمه «أشيزريكا» ومعناه : الرجل العالم ، يزين العالم بالدين والعدل ، ثم يظهر في زمانه «بتياره» فيوقع الآفة في أمره وملكه عشرين سنة ، ثم يظهر بعد ذلك أشيزريكا
__________________
(١) نسبة إلى بهافريد وكان قد ظهر في صدر الدولة العباسية وقبل ظهور أبي العباس من قرية يقال لها روى من ابر شهر وهو مجوسي كان يصلي الصلوات الخمس بلا سجود متياسر عن القبلة ، تكهن ودعا المجوس إلى مذهبه فاستجاب له خلق كثير فوجه إليه أبو مسلم شبيب بن داح وعبد الله بن سعيد فعرضا عليه الإسلام وأسلم ، ثم لم يقبل إسلامه لتكهنه فقتل وعلى مذهبه بخراسان جماعة إلى هذا الوقت.
(فهرست ابن النديم ص ٤٨٢).
(٢) رستاق : كلمة معربة ، بمعنى الناحية التي هي طرف الإقليم.
(٣) الزمزمة : صوت المجوس عند الأكل ويكون من الخياشيم.
(٤) موبذ المجوس ، كقاضي القضاة عند المسلمين. والموبذ القاضي.