توبة ، فهو من أهل النار خالد فيها ، إذ ليس في الآخرة إلّا فريقان : فريق في الجنة ، وفريق في السعير ، لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار.
وتابعه على ذلك عمرو بن عبيد (١) بعد أن كان موافقا في القدر ، وإنكار الصفات.
* * *
* القاعدة الرابعة : قوله في الفريقين من أصحاب الجمل (٢) ، وأصحاب صفين (٣) إن أحدهما مخطئ لا بعينه. وكذلك قوله في عثمان وقاتليه وخاذليه ، قال : إن أحد الفريقين فاسق لا محالة ، كما أن أحد المتلاعنين فاسق لا محالة ، لكن لا بعينه. وقد عرفت قوله في الفاسق ، وأقل درجات الفريقين أنه لا تقبل شهادتهما كما لا تقبل شهادة المتلاعنين. فلا يجوز قبول شهادة عليّ ، وطلحة ، والزبير على باقة بقل. وجوّز أن يكون عثمان وعليّ على الخطأ. هذا قوله ، وهو رئيس المعتزلة ومبدأ الطريقة في أعلام الصحابة ، وأئمة العترة (٤).
ووافقه عمرو بن عبيد على مذهبه ، وزاد عليه في تفسيق الفريقين لا بعينه بأن قال : لو شهد رجلان من أحد الفريقين مثل عليّ ورجل من عسكره ، أو طلحة والزبير لم تقبل شهادتهما ، وفيه تفسيق الفريقين وكونهما من أهل النار. وكان عمرو بن عبيد من رواة الحديث ، معروفا بالزهد ، وواصل مشهورا بالفضل والأدب عندهم (٥).
__________________
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) هم : عائشة وطلحة والزبير. ووقعة الجمل كانت سنة ٣٦.
(٣) هما : معاوية وعمرو بن العاص ، بدأ القتال في هذه المعركة في صفر سنة ٣٧.
(٤) عترة النبي صلىاللهعليهوسلم : أقرباؤه من ولد وغيره. وهنا آل بيته.
(٥) يلاحظ أنه على الرغم من مكانة عمرو بن عبيد عند الحكام فإنه لم يكن يعمل على نشر مبادئ المعتزلة. أما واصل فإنه رغم الظروف التي لم تؤاته ، ورغم عدم ملائمة الحالة السياسية لنشر آراء المعتزلة لتحامل الحكام الأمويين على كل من يدعو لرأي يخالف مبادئ القرآن الصريحة ، إنه رغم هذا كان واصل دائبا في الدعاية لأصول المعتزلة حتى كان له في كل الأقطار رسل لنشر هذه الأصول في الدولة الإسلامية من الصين إلى مراكش. ويظهر أن سبب هذا هو أن عمرا لم يكن يؤمن بمبادئ المعتزلة كلّ الإيمان حتى أننا نرى أن واصلا قد فارق أستاذه لرأيه في صاحب الكبيرة وبقي عمرو على رأي أستاذه حتى جادله واصل وأقنعه فانضمّ إلى رأيه. (العقد الفريد ج ٢ ص ٣٨٦ ـ ٣٨٧). وهناك فرق آخر ـ