والثانية : قوله في التولد مثل قول أستاذه ، وزاد عليه بأن جوّز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد (١).
الثالثة : قوله في القرآن إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ، ونظما ، وبلاغة (٢) ، وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن ، وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قديمين ، وكفر أيضا من لا بس السلطان ، وزعم أنه لا يرث ولا يورث ، وكفر أيضا من قال إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى ، ومن قال إنه يرى بالأبصار وغلا في التكفير حتى قال هم كافرون في قولهم : لا إله إلا الله ، وقد سأله إبراهيم بن السندي (٣) مرة عن أهل الأرض جميعا فكفرهم ، فأقبل عليه إبراهيم وقال : الجنة التي عرضها السموات والأرض لا يدخلها إلا أنت وثلاثة وافقوك؟ فخزي ولم يحر جوابا.
وقد تلمذ له أيضا الجعفران (٤) ، وأبو زفر ، ومحمد بن سويد ، وصحب أبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي ، وعيسى بن الهيثم ، وجعفر بن حرب الأشج ، وحكى الكعبي عن الجعفرين أنهما قالا : إن الله تعالى خلق القرآن في اللوح المحفوظ ، ولا يجوز أن ينقل إذ يستحيل أن يكون الشيء الواحد في مكانين في حالة واحدة ، وما نقرأه فهو حكاية عن المكتوب الأول في اللوح المحفوظ ، وذلك فعلنا وخلقنا.
__________________
(١) حكى أبو زفر عن المردار أنه أجاز وقوع فعل واحد من فاعلين مخلوقين على سبيل التولد ، مع إنكاره على أهل السنّة ما أجازوه من وقوع فعل من فاعلين أحدهما خالق والآخر مكتسب. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٦٦).
(٢) هذا عناد منه لقول الله عزوجل في سورة الإسراء : الآية ٨٨ : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ* وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (راجع الفرق بين الفرق ص ١٦٥).
(٣) هو إبراهيم بن السندي بن شاهك ولي الكوفة والجاحظ يروي عنه كثيرا في كتبه. وأبوه كان على الجسرين وقد نعت الجاحظ إبراهيم بأنه مولى أمير المؤمنين. (راجع عيون الأخبار ص ١٢١ والجهشياري ص ٢٣٦ ورسائل الجاحظ ص ٤٧).
(٤) تقدمت ترجمتهما.