ومنها قوله : إن الله لا يحبب الإيمان إلى المؤمنين ، ولا يزينه في قلوبهم ، وقد قال تعالى: (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) (١) ومبالغته في نفي إضافات الطبع والختم والسد وأمثالها أشد وأصعب. وقد ورد بجميعها التنزيل ، قال الله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) (٢) وقال : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (٣) وقال : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) (٤) وليت شعري! ما يعتقده الرجل؟ إنكار ألفاظ التنزيل وكونها وحيا من الله تعالى؟ فيكون تصريحا بالكفر. أو إنكار ظواهرها من نسبتها إلى الباري تعالى ووجوب تأويلها؟ وذلك عين مذهب أصحابه.
ومن بدعه في الدلالة على الباري تعالى قوله إن الأعراض لا تدل على كونه خالقا ، ولا تصلح الأعراض دلالات ؛ بل الأجسام تدل على كونه خالقا ، وهذا أيضا عجب.
ومن بدعه في الإمامة قوله إنها لا تنعقد في أيام الفتنة واختلاف الناس ، وإنما يجوز عقدها في حال الاتفاق والسلامة ، وكذلك أبو بكر الأصم من أصحابه كان يقول الإمامة لا تنعقد إلا بإجماع الأمة عن بكرة أبيهم ، وإنما أراد بذلك الطعن في إمامة عليّ رضي الله عنه إذا كانت البيعة في أيام الفتنة من غير اتفاق من جميع الصحابة ، إذ بقي في كل طرف طائفة على خلافه.
ومن بدعه أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن ، إذ لا فائدة في وجودهما وهما جميعا خاليتان ممن ينتفع ويتضرر بهما ، وبقيت هذه المسألة منه اعتقادا للمعتزلة ، وكان يقول بالموافاة ، وأن الإيمان هو الذي يوافي الموت ، وقال : من أطاع الله
__________________
(١) سورة الحجرات : الآية ٧.
(٢) سورة البقرة : الآية ٧.
(٣) سورة النساء : الآية ١٥٥.
(٤) سورة يس : الآية ٩.