أمّا أوّلا فلأنّ حكمه تعالى عند الأشاعرة كلامه ، وكلامه عندهم قديم ، فلا يعلل بالمحدّث.
[وثانيا] فلأنّه بعد جعل الزنا مؤثّرا ، إن بقي الزنا كما كان ولم يكن مؤثّرا فكذا بعده ، وإلّا لكان إعداما له ، فلا يكون مؤثّرا بعد عدمه.
[وثالثا] فلأنّ الشرع بعد الجعل ، إن لم يصدر عنه أمر استحال أن يقال : إنّه جعله علّة ، وإن صدر فإن كان هو الحكم فالمؤثّر فيه هو الشارع لا الوصف ، وإن كان علّته كان المؤثّر في الحكم وصفا حقيقيّا ، وهو قول المعتزلة ، وإن لم يكن الحكم ولا ما يوجبه لم يكن له تعلّق بالحكم البتّة.
[ورابعا] فلأنّه لو كانت السببيّة حكما شرعيّا ، افتقرت في معرفتها إلى سبب آخر فتسلسل.
[وخامسا] فلأنّ الوصف المعرّف للحكم إمّا أن يعرّفه بنفسه ، فيكون معرّفا قبل ورود الشرع ، أو بصفة زائدة ، ويتسلسل ، إذ الكلام في تلك الصفة كالكلام في الأوّل.
[وسادسا] فلأنّ الطريق المعرّف لسببيّة الوصف إنّما هو الحكمة المستدعية للحكم ، من جلب مصلحة أو دفع مفسدة ، وذلك ممتنع ، إذ لو كانت [الحكمة] معرّفة لحكم السّببية ، لأمكن تعريف الحكم المسبب بها.
[وسابعا] فلأنّ الحكمة إن كانت قديمة لزم قدم موجبها ، وهو معرفة السببيّة ، وإن كانت حادثة افتقرت إلى معرّف آخر لخفائها ، ويعود التقسيم.
والجواب : المراد جعل الزنا سببا لتعلّق الحكم به.