ولو فسّرت الصّحة في العبادات بذلك أمكن ، ولو فسّرت صحّة العقد بإذن الشارع في الانتفاع بالمعقود عليه أمكن.
وأمّا الباطل فهو ما يقابل الصحّة فيهما ، ففي العبادات كونها غير موافقة لأمر الشارع ، أو غير مسقطة للقضاء ، وفي العقود هو الّذي لا يترتّب عليه أثره ، وهو يرادف الفاسد في المشهور.
خلافا للحنفيّة ، فإنّهم فرّقوا بينهما ، وجعلوه متوسّطا بين الصّحيح والباطل ، فإنّ العقد إن كان مفيدا للحكم مشروعا بأصله وصفته فصحيح وإن لم يكن مفيدا وهو غير مشروع بأصله ووصفه فصحيح ، وإن لم يكن مفيدا وهو غير مشروع بأصله ووصفه فباطل.
وإن كان مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه كعقد الرّبا ، فإنّه مشروع من حيث إنّه عقد بيع ، وممنوع من حيث اشتماله على الزيادة سمّوه فاسدا ، فكان هذا متوسّطا بين الممنوع بأصله وبين المشروع بأصله ووصفه معا. (١)
وهذا تكلّف لا حاجة إليه ، ولو صحّ هذا القسم لم نناقش في تخصيص اسم الفاسد به.
وأمّا الإجزاء فقد يوصف به الفعل إذا كان يمكن وقوعه على وجهين أحدهما يترتّب عليه حكمة والثاني لا يترتب كالصّلاة وشبهها.
أمّا ما لا يقع إلّا على وجه واحد كمعرفة الله تعالى فلا يوصف بذلك ، وكذا ردّ الوديعة ، لا يقال فيه : انّه مجز أو غير مجز.
__________________
(١) لاحظ المحصول في علم الأصول تأليف الرازي : ١ / ٢٦.