رخصة ، وإلّا لكان كلّ فعل بنينا فيه على النفي الأصل قبل ورود الشرع رخصة.
وإن قلنا بالوقف إلى ظهور المرجّح ، فلا رخصة ، بل يكون ذلك عزيمة.
وإن قلنا بالتخيير لم يكن أكل الميتة حالة الاضطرار رخصة ، إذ لا تخيير بين جواز الأكل وتحريمه لوجوبه.
وقد قيل : إنّه رخصة ، فلم يبق إلّا رجحان المحرّم على المبيح ، ويلزم منه العمل بالمرجوح ، وهو في غاية الإشكال ، لكنّه الأشبه باسم الرخصة ، لما فيه من التسهيل بالعمل بالمرجوح ، ومخالفة الراجح. (١)
وفيه نظر ، لأنّ هذا التقسيم إنّما يرد لو كان الدليلان متعارضين ، وإنّما يتعارضان لو توارد الحكمان على مكلّف واحد ، وليس كذلك ، فإنّ التحريم للميتة ثابت في حقّ المختار ، والوجوب ثابت في حقّ المضطرّ ، وقلنا بالإباحة هنا مع قيام المحرّم في نفس الأمر على هذا المكلّف لو لم يكن مضطرّا ، وكونه رخصة باعتبار نسبة حالته الاضطراريّة إلى حالته الاختياريّة.
واعلم أنّه لا استبعاد في كون الشيء رخصة باعتبار وواجبا باعتبار ، كالقصر وأكل الميتة حال المخمصة.
__________________
(١) الإحكام : ١ / ٩٥ ، نقله المصنّف بتلخيص ، وتنظّر فيه.