ولأنّه يمكن خلوّ الشكر عن جلب النفع ، فإنّ الشكر لمّا كان واجبا ، لم يكن أداؤه مقتضيا شيئا آخر.
ولأنّه تعالى قادر على إيصال كلّ المنافع بدون الشكر ، فتوسّطه عبث.
والثاني باطل ، لأنّ المضرّة إمّا عاجلة ، وهو باطل ، لأنّ الاشتغال بالشكر ، مضرّة عاجلة ، فلا يكون دافعا لها ، أو اجلة ، وهو باطل ، لأنّ المضرّة الاجلة إنّما يحصل القطع بثبوتها عند عدم الشكر ، لو كان الشكر ليسرّ المشكور ، ويسوؤه الكفر ، أمّا المنزّه عن ذلك فلا ، بل احتمال العقاب على الشكر قائم ، لأنّه تصرّف في ملك الغير بغير إذنه.
ولأنّ العبد ، لو حاول مجازاة مولاه على نعمة ، استحقّ التأديب ، والاشتغال بالشكر ، اشتغال بالمجازاة.
ولأنّ نعم الله تعالى بالنسبة إليه أقلّ من نسبة اللقمة إلى الملك.
ولو أنّ إنسانا شكر الملك على إعطائه إيّاه لقمة في المحافل ، فعل قبيحا واستحقّ التأديب ، فكذا هنا.
ولأنّ الشاكر قد لا يعرف كيفيّة الشكر ، فيأتي بغير اللائق بكماله تعالى ، فيستحقّ العقاب.
وأمّا الثاني ، فلأنّه عبث ، وهو قبيح عقلا.
ولأنّ المعقول من الوجوب ، ترتّب الذّمّ والعقاب على الترك ، فإذا فقد ذلك ، امتنع تحقّق الوجوب.
والجواب عن الأوّل : ما تقدّم من التخصيص بالأوامر الشرعيّة ، أو المجاز في الرسول وهو العقل.